ahmed rock عضـو متمـيز (ذهـبى)
تاريخ التسجيل : 11/07/2008 المـشاركـات : 392 تقييم النشاط : 5976 كلمتى : المهنة ............ : اللقب المميز : رقمك المفضل : اسلامــى :
| موضوع: التصميم الخاص لعناصر الحياة الجمعة أغسطس 15, 2008 12:37 pm | |
| قال تعالى في محكم تنزيله : (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً) (الفرقان:2) .
وقال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون:115) .
وقال تعالى : (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (الذريات:56).
ويقول " جون بولكنغهورن " وهو فيزيائي إنكليزي [1] .
"إنكم إذا تأملتم في النظام الخارق الذي بني به الكون ولاحظتم التصميم غير العادي الذي خلق به، فلابد أن يوحي لكم ذلك بأن ثمة هدفاً وغاية وراء كل ذلك" .
حتى هذه اللحظة مازلنا نفحص كيف أمكن تصميم كل التوازنات الفيزيائية للكون الذي نحيا فيه كلي نتمكن من الحياة ولقد رأينا أيضاً أن التركيب العام للكون وكذلك موقع الأرض فيه عوامل مثل الهواء والضوء والماء قد صممت بدقة لكي يكون فيها ما تحتاجه مساهماتنا، بالإضافة لذلك فنحن بحاجة لأن نلقي نظرة على العناصر التي صنعت منها أجسامنا، تلك العناصر الكيميائية والتي هي القطع البناء التي تشكلت منها أيدينا وأعيننا وشعرنا وأعضاؤنا تماماً مثل بقية الكائنات الحية الأخرى كالنباتات والحيوانات، والتي هي مصادر غذائية وهي صممت لتخدم الأهداف التي تفعلها بالضبط .
يشير الفيزيائي (روبيرت ـ س ـ د ـ كلارك ) إلى التصميم الراقي والخاص في بناء قطع الحياة عندما قال : " لقد أعطانا الخالق مجموعة أجزاء مسبقة الصنع وجاهزة لأن تساهم في كل ما هو قيد التصنيع "[2] و أكثر تلك القطع البناءة أهمية هي الكربون .
التصميم في الكربون :
وصفنا في الفصول السابقة العملية غير العادية والتي أنتج بها عنصر الكربون في أعماق النجوم الهائلة والتي تدعى العمالقة الحمراء، حيث يشغل هذا العنصر الموقع السادس في الجدول الدوري، كما شاهدنا كيف أمكن اكتشاف تلك العملية المدهشة في تركيب العناصر، وقد تقدم (فريد هويل ) بالقول في هذا الموضوع معلناً " أن قوانين الفيزياء النووية صممت بتأن مع الأخذ بالحسبان مستقبل النواتج لما يصنع داخل النجوم "[3].
عندما فحصنا الكربون عن قرب وجدنا أنه ليس الشكل الفيزيائي لهذا العنصر صمم بتأن فقط بل رتبت خواصه الكيميائية بإتقان أيضاً كي تكون على ما هي عليه فعلاً .
يوجد الكربون الصافي في الطبيعة بشكلين الغرافيت والألماس، وهو يدخل مع عديد من العناصر الأخرى مشكلاً مواد كثيرة مختلفة الأنواع، وخاصة في ذلك المجال المتعدد الواسع الذي لا يصدق من المواد العضوية الحية، ومثل تلك المواد العضوية الحية أغشية الخلايا ولحاء الشجر وعدسة العين وأظلاف الغزال وبياض البيضة وصفارها وسم الأفعى فكلها صنعت من مركبات أصلها كربون .
يتحد الكربون مع الهيدروجين والأوكسجين والنتروجين بكميات مختلفة عديدة وبتركيبات هندسية متنوعة، منتجة أصنافاً واسعة من المواد ذات الخواص المختلفة الواسعة . بحيث تحتوي جزيئات بعض المركبات الكربونية بالضبط عدد قليل من الذرات وبعضها الآخر يحتوي آلاف وربما الملايين من الذرات، والأكثر من ذلك هو أنه لا يوجد عنصر آخر متقلب ومتعدد الجوانب كالكربون في تشكيله جزيئات غاية في المتانة والثبات .
ولنقتبس بعض ما جاء في كتاب ( دافيدبورني ) والذي عنوانه ( الحياة ) ما يلي :
" الكربون هو عنصر غير عادي تماماً، فبدون وجود الكربون وخواصه غير العادي لا يحتمل وجود الحياة على الأرض "[4].
وأيضاً فيما يتعلق بالكربون فقد كتب الكيميائي البريطاني ( نيغيل شيدويك ) في كتابه ( العناصر الكيميائية ومركباتها ) ما يلي :
" الكربون هو الوحيد والفريد من كل العناصر في عدد وتنوع المركبات التي يستطيع تركيبها، ولقد تم إلى حدّ الآن عزل ووصف أكثر من ربع مليون مركب للكربون، ومع ذلك فإن ذلك لا يعطي فكرة كاملة عن قدراته طالما أنه الأساس في كل أشكال المادة الحية اللامحدودة التعقيد".[5]
لأسباب فيزيائية وكيميائية ليس بإمكان الحياة أن تبنى على أن عنصر آخر غير عنصر الكربون ن وفي وقت ما اقترح عنصر آخر بديل عنه وهو عنصر السيليكون ولربما كان بإمكان الحياة أن تبنى عليه، لكننا نعلم الآن أن مثل ذلك التخمين غير ممكن إطلاقاً، وإذا رجعنا للاقتباس من ( شيدويك ) ثانية نجد :
" نحن نعلم الآن ما يكفي لنكون واثقين من استحالة فكرة أن يحل عنصر السيليكون محل عنصر الكربون كأساس للحياة في هذا العالم " [6]
الروابط المشتركة :
تدعى الروابط الكيميائية التي يدخل فيها الكربون عندما يشكل المركبات العضوية بالروابط المشتركة، ويقال عن تلك الروابط أنها تحدث عندما تتشارك ذرتان بإلكتروناتهما .
تشغل إلكترونات الذرة طبقات مدارية مخصصة متمركزة في مدارات حول النواة، ويشغل المدار الأقرب للنواة إلكترونات فقط، بينما يشغل المدار التالي بثمانية إلكترونات كحد أقصى، أما المدار الثالث الأبعد عن النواة فيمكن أن يصل عدد إلكتروناته إلى ثمانية عشر، ويستمر زيادة عدد الإلكترونات مع إضافة مدارات أكبر للذرة، والمظهر العجيب لهذا المخطط هو إرادة تلك الذرات لأن تتمم عدد إلكتروناتها في طبقاتها المدارية السطحية لثمانية إلكترونات، فمثلاً للأوكسجين في مداره الثاني الأبعد عن النواة ستة إلكترونات، وهذا يسبب له رغبة في أن يدخل في اتحادات مع ذرات أخرى تقدم له إلكترونين من عندها يحتاجهم كي يوصل عدد إلكتروناته لثمانية .. أما لماذا تسلك الذرات هذا السلوك ؟ فهو سؤال لا جواب له ؟؟
ولكنه عمل جيد، لأنه لو لم يحدث ذلك العمل فلن تكون هناك حياة ممكنة .
تحدث الروابط المشتركة نتيجة لذلك الميل عند الذرات لتتم طبقاتها المدارية الخارجية لثمانية الكترونات، ومثال جيد على ذلك هو جزيء الماء H2O والذي قطعة البناء هما ذرتا هيدروجين وذرة أوكسجين حيث تشكلان رابطة تشاركية في هذا المركب حيث يتمم الأوكسجين عدد إلكتروناته في مدارها الثاني لثمانية بالمشاركة بإلكترونين ( واحد لكل ذرة هيدروجين )، وبالطريقة نفسها فإن كلاً من ذرتي الهيدروجين تقترض ألكتروناً من الأوكسجين لتتم طبقاتها الخاصة .
الكربون جيد جداً في تشكيل الروابط المشتركة مع ذرات أخرى بما فيها ذرات الكربون ذاتها، ومن ذلك يمكن صنع عدد هائل من المركبات المختلفة وأحد أبسط تلك المركبات هي غاز الميتان، وهو غاز شائع ومألوف ويتشكل بالترابط المشترك لأربع ذرات هيدروجين وذرة كربون واحدة فالكربون يحوي في مداره الأول إلكترونين وأربعة فقط في مداره الثاني فهو يحتاج لأربعة أخرى ليتم ذلك المدار لثمانية لهذا السبب يكفي أربعة ذرات هيدروجين لتلبي هذه الحاجة وتمم مداره الأخير .
تقول أن الكربون هو عنصر متقلب متعدد الوجوه خاصة في تشكيل الروابط مع غيره من الذرات، وهذا التقلب يمكنه من تركيب أعداد ضخمة من المركبات المختلفة الأشكال والخواص، ويدعى صنف المركبات التي يشكلها الكربون مع الهيدروجين حصراً بالهيدروكربون، وهي عائلة ضخمة من المركبات تشمل الغاز الطبيعي والبترول السائل والكيروسين وزيوت التشحيم، وتعتبر من ضمن هذه العائلة من الهيدروكربون المادتان الأثيلين والبروبلين الأساس الوطيد . الذي تنصب عليه الصناعة البتروكيميائية الحديثة، ومن أمثلة تلك المواد البتروكيميائية التي أساسها الهيدروكربون البنزين والتولوين والتربنتين، وتلك المواد مألوفة لأي شخص يعمل في الدهانات، وكذلك النفتالين الذي يحمي ملابسنا من العث هو أيضاً مركب هيدروكربون آخر، وبإضافة الفلورين تعطي الفريون وهو الغاز الذي يستعمل بشكل واسع في التبريد.
يوجد صنف آخر من المركبات العضوية الهامة والتي تتشارك فيها العناصر التالية : الكربون والهيدروجين والأوكسجين بحيث يتشارك كل اثنين معاً بروابط مشتركة، وفي تلك العائلة نجد الكحوليات مثل الاثانول والبروبانول والكيتونات والحموض الدسمة مع عديد وعديد من المواد الأخرى، كما توجد مجموعة أخرى من المركبات مكونة من هذه العناصر بالذات لكنها تعطي السكاكر بما فيها الغلوكوز والفراكتوز .
وما السيللوز الذي يتركب منه هيكل الخشب والمادة الخام للورق إلا كربوهيدرات ( أي سكاكر )، ومثله الخل وشمع العسل ( شمع النحل) وحمض الفورميك، وكل واحد من تلك المركبات يأتي بحلة رسمية لا تصدق أن أصله مواد ومركبات تحدث طبيعياً في عالمنا وهي ليست أكثر من ترتيب مختلف للكربون والهيدروجين والأوكسجين تترابط مع بعضها بروابط مشتركة .
عندما يشكل الكربون الهيدروجين والأوكسجين والنتروجين (هذه المرة ) رابطة مشتركة فالنتيجة هي صنف آخر من الجزيئات العضوية، تلك هي الأساس ومادة الحياة بذاتها، تلك هي الحموض الأمينية التي تصنع البروتينات، وما النيوكليوئيدات التي تصنع الدنا ( DNA) سوى جزيئات تشكلت من الكربون والهيدروجين والأوكسجين والنتروجين .
باختصار إن الروابط التشاركية التي تستطيع ذرة الكربون الدخول فيها هي حيوية لوجود الحياة وبقائها فذا لم يكن للهيدروجين والكربون والأوكسجين والنروجين الرغبة في التشارك الألكتروني فيما بينها فستكون الحياة غير ممكنة واقعياً .
إن الشيء الذي يجعل تشكل هذه الروابط ممكنة للكربون هي الخاصية التي يدعوها الكيميائيون بشبه الاسقرار " وهي تعني ان يكون لشيء ما ثبات ضعيف هامشي، وقد وصف عالم الكيمياء الحيوية (ج. ب. س هالدان ) شبه الاستقرار هكذا :
" يقصد بالجزيء الشبه مستقر بأنه ذلك الجزيء الذي يستطيع أن يحرر طاقة حرة بالتحول، لكنه مستقر بشكل كافٍ ولمدة طويلة من الزمن ما لم ينشط بالحرارة أو بالإشعاع أو بالاتحاد مع وسيط كيميائي [7]
الذي يقصده هذا التعريف الشبه تقني أن لهذا الكربون تركيباً فريداً يعود له الفضل في تسهيل دخول الكربون في روابط مشتركة تحت شروط نظامية .
وهنا يجب أن نكون أكثر دقة فالوضع بدأ يصبح جدياً ذلك بأن الكربون هو شبه مستقر إطلاقاً عندما ترتفع درجة الحرارة لأعلى من (100س ) .
هذه الحقيقة اعتيادية ومألوفة في حياتنا اليومية بحيث أن معظمنا يأخذ ذلك كمسلمة فمثلاً عندما نطبخ اللحم فالذي نفعله حقيقة هو أننا نغير تركيب مركباته الكربونية لكن توجد نقطة هامة يجب أن نلاحظها وهي أن اللحم المطبوخ صار ميتاً تماماً وهذا يعني أن تركيبه الكيميائي صار يختلف عما كان عليه عندما كان جزءاً من العضوية الحية، لأنه من المعروف أن معظم المركبات الكربونية تصبح فاسدة عند درجات حرارة فوق (100س ) ومعظم الفيتامينات مثلاً تتفكك عند تلك الدرجة من الحرارة، وكذلك يتغير تركيب السكر ويفقد بعضاً من قيمته الغذائية ومن حوالي الدرجة (150س) تبدأ المركبات الكربونية في الاحتراق .
وبكلمة أخرى إذا كان على ذرات الكربون أن تدخل في روابط مشتركة مع ذرات أخرى وإذا أريد للمركبات الناتجة أن تبقى مستقرة فيجب ألا ترتفع درجة الحرارة المكتنفة فيها عن ( 100س ) .
وأن أخفض حدود لدرجة الحرارة يجب أن تكون حول درجة الصفر مائوية، فإذا هبطت درجة الحرارة كثيراً جداً تحت تلك الدرجة فإن النشاط الحيوي العضوي سوف لن يكون ممكناً .
أما في حالة مركبات أخرى فهذه الحالة ليست عامة، فمعظم المركبات اللاعضوية هي مركبات ليست شبه مستقرة، أي أن استقرارها لا تتأثر كثيراً بتغيرات درجة الحرارة، ولنفهم ذلك دعنا نجري التجربة التالية :
لنثبت قطعة من اللحم على طرف قطعة معدن رقيقة وطويلة مثل الحديد ولنسخن الاثنين معاً على النار، فكلما ازدادت درجة الحرارة سخونة أصبح لون اللحم قاتماً ثم لا يلبث أن يحترق أخيراً وقبل أن يحدث أي شيء للمعدن بزمن طويل . والشيء نفسه سيحدث حقيقة إذا استخدمت الحجر أو الزجاج مع المعدن، لكنك يجب أن ترفع درجة الحرارة عدة مئات من الدرجات قبل أن يبدأ تركيبها في التغير .
لابد أنك راقبت التشابه بين مجال درجة الحرارة اللازم لكي تتكون مركبات الكربون ذات الرابطة المشتركة وبقائها مستقرة والمجال لدرجات الحرارة السائدة في كوكبنا، وكما قلنا في مكان من هذا الكتاب أن مجال درجات الحرارة في كل الكون يتراوح بين ملايين الدرجات في أعماق النجوم إلى الصفر المطلق لكن الأرض التي خلقت للبشرية كي تحيا فيها هي الوحيدة التي تملك مجال درجات حرارة ضيق وهو ضروري لتشكل المركبات الكربونية والتي هي القطع البناءة للحياة .
لكن الصدفة العجيبة لا تنتهي هنا، وهذا المجال لدرجة الحرارة هو الوحيد الذي يبقى فيه الماء سائلاً، وكما رأينا في فصل سابق أن الماء هو أحد المتطلبات الأساسية للحياة ولكي يبقى سائلاً فإنه يتطلب بالضبط درجات حرارة مركبات الكربون نفسه اللازمة لتشكلها واستقرارها، ولا يوجد قانون فيزيائي ولا طبيعي بإمكانه أن يأمر بذلك فيكون وتحت الظروف السائدة، وهذه الحالة هي دليل على أن الخواص الفيزيائية للماء والكربون وكذلك الشروط على كوكب الأرض خلقت جميعاً بهذه الطريقة لتتناسق وتتوافق مع بعضها البعض .
الروابط الضعيفة :
ليست الروابط المشتركة هي النموذج الوحيد للترابط الكيميائي الذي يحفظ مركبات الحياة مستقرة، لكنه يوجد صنف آخر مختلف من الروابط يدعى بالروابط الضعيفة ومثل تلك الروابط هي أضعف بحوالي عشرين مرة من الروابط المشتركة ومن هنا أتى اسمها ومع ذلك فهي ليست أقل صرامة وحدية في عمليات الكيمياء العضوية، فبفضل هذه الروابط الضعيفة تتمكن البروتينات التي تصنع القطع البناءة لكل ذي حياة من أن تحافظ على تركيبها المعقد النشط الثلاثي الأبعاد .
لتفسير ذلك يجب أن نتناول باختصار تركيب البروتينات، فالبروتينات عادة تكون بشكل سلسلة من أحماض أمينية، وكلمة سلسلة هنا هي استعارة مجازية صحيحة أساساً لكنها ليست تامة، وعدم كمالها سببه أن معظم الناس تثير في عقولهم عبارة سلسلة الأحماض الأمينية التي تصنع البروتينات تركيباً ثلاثي الأبعاد وأكثر شبهاً بشجرة ذات فروع مورقة .
فالروابط المشتركة هي التي تضم ذرات الأحماض الأمينية معاً، بينما الروابط الضعيفة هي التي تحفظ التركيب الثلاثي الأبعاد الأساسي لتلك الأحماض، ولا يمكن للبروتين أن يبقى موجوداً بدون تلك الروابط الضعيفة وطبعاً بدون البروتينات لا توجد حياة .
الجزء الممتع الآن في هذا العمل هو أن مجال درجة الحرارة والتي تتمكن فيه الروابط الضعيفة هي التي تحفظ التركيب الثلاثي الأبعاد الأساسي لتلك الأحماض، ولا يمكن للبروتين أن يبقى موجوداً بدون تلك الروابط الضعيفة وطبعاً بدون البروتينات لا توجد الحياة .
الجزء الممتع الآن في هذا العمل هو أن مجال درجة الحرارة والتي تتمكن فيه الروابط الضعيفة من ممارسة وظيفتها هو ذاته المجال السائد على الأرض ويبدوا ذلك غريباً بسبب أن الطبيعة الفيزيائية والكيميائية للروابط المشتركة قبالة الرابط الضعيفة هي أشياء مختلفة كلياً كما أن كلاً منها مستقل عن الآخر .
وبكلمة أخرى لا يوجد سبب جوهري يدعو لأن يتطلب كلاهما مجال درجة الحرارة نفسه ومع ذلك فهي تفعل ذلك بحيث يستطيع كل من نموذجي الروابط أن يتشكل ويحافظ على الاستقرار ضمن هذا المجال الضيق من درجة الحرارة، وإذا هما لم يفعلا ذلك أي إذا تطلبت الروابط المشتركة مجال درجات حرارة يختلف بشكل واسع عن ذلك الذي للروابط الضعيفة عندئذ سيكون من المستحيل بناء التركيبات الثلاثية الأبعاد للبروتينات المطلوبة .
يشير كل شيء رأيناه ويتعلق بالخواص الكيميائية غير العادية لذرة الكربون إلى وجود تلاؤم وتناسق ضخم بين هذا العنصر الذي تعتبر القطعة البناءة الأساسية للحياة والماء الذي هو حيوي أيضاً للحياة، وكذلك الأرض باعتبارها ملاذ الحياة ومأوى لها، ويؤكد كتاب ( قدرة الطبيعة ) لمؤلفه ( ميشيل دينتون ) هذا التلاؤم بقوله :
" من ضمن المجال الضخم لدرجة الحرارة في الكون يوجد فقط نطاق حرارة ضغير جداً يكون فيه (1) الماء سائلاً . (2) المركبات العضوية الشبه مستقرة وافرة بكثير . (3) روابط ضعيفة لاستقرارية الجزيئات المعقدة ثلاثية الأبعاد "[8].
من بين جميع الأجرام السماوية التي رصد ي أي وقت فإن ذلك النطاق الصغير جداً من درجات الحرارة موجود فقط على الأرض، وبالإضافة إلى ذلك يوجد عليها قطعتان أساسيتان في بناء الحياة وهما الكربون والماء، والأرض مصدر كريم لهذين المكونين .
كل ذلك يشير إلى أن ذرة الكربون وخواصها غير العادية تم تصميمها خصيصاً للحياة، وأن كوكبنا خلق خصيصاً ليكون بيتاً لأشكال الحياة أساسية الكربون .
التصميم في الأوكسجين :
رأينا كيف أن الكربون هو القطعة البناءة الأعظم أهمية للعضوية الحية، كما رأينا كيف أنه صمم خصيصاً ليلبي تلك الوظيفة . ولكن على كل حال فإن بقاء كل أشكال الحياة ذات الأساسي الكربوني مشروط ومنوط بالحاجة الثانية لها وهي الطاقة . فالطاقة هي متطلب لا مفر منه للحياة .
تأخذ النباتات الخضراء طاقتها من الشمس من خلال عملية التركيب الضوئي، لكن من أجل بقية الكائنات الحية التي تسكن الأرض بما فيها نحن فالمصدر الوحيد للطاقة هو عملية التأكسد، وكلمة تأكسد هي الكلمة الفنية لكلمة الاحتراق، ومصدر طاقة العضويات التي تتنفس الأوكسجين هو من إحتراق الغذاء النباتي والحيواني الذي تتناوله تلك الكائنات الحية .
وحسبما يتراءى لك فإن الأكسدة أي الاحتراق هي تفاعل كيميائي تتأكسد فيه المواد، أي يحدث لها اتحاد بالأكسجين، وهذا هو السبب في كون الأوكسجين هاماً حيوياً للحياة مثل الكربون والهيدروجين . والصيغة العامة للاحتراق ( الأكسدة ) تبدو كما يلي :
المركب الكربوني + أوكسجين ماء ← غاز الكربون + طاقة
وما يعنيه ذاك هو أنه عندما تتحد مركبات الكربون والأوكسجين معاً (في شروط مناسبة طبعاً ) يحدث لها تفاعل ويتولد ماء غاز الكربون وتتحرر كمية لا بأس بها من الطاقة، ويحدث هذا التفاعل بسهولة في مركبات الهيدروكربون، وما احتراق الغلوكوز ( وهو أيضاً هيدروكربون ) في جسمك بانتظام إلا ليبقيه مغذى بالطاقة .
وتعتبر عناصر الهيدروجين والكربون التي تتركب منها الهيدروكربون من أعظم العناصر سريعة التأكسد وكذلك اتحاد الهيدروجين بالأوكسجين يعتبر من التفاعلات الأكثر سهولة ويرافقها انتشار طاقة عظيمة، فإذا احتجت وقوداً لتحرقه بالأوكسجين فلن تجد أفضل من الهيدروجين ليفعل ذلك، ومن وجهة نظر الطاقة يأتي الكربون في الدرجة الثالثة بعد الهيدروجين والبورون، ويعلق (لورنس هندرسون ) في كتابه ( التلاؤم في البيئة )(The Fitness of the environment) على التلاؤم الأكثر من عادي بما يلي :
" التغيرات الكيميائية الحقيقية والتي تبدو لأسباب عديدة أخرى أنها أنسب تلاؤماً مع العمليات الفيزيائية هي التي تحول الطاقة إلى مجرى الحياة" [9].
هذا هو الاستنتاج الذي توصل إليه أخيراً علم القرن العشرين، وما ذاك إلا كشف لحقيقة بينها الله للإنسان في القرآن قبل أربعة عشر قرناً مضى، وقد خلق الله كل جزء في هذا الكون ووضع كمال خلقه في الآية التالية : قال تعالى (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (الملك:1) .
ا | |
|
elmontoo ™ ادارة الـمـنــتــدى
تاريخ التسجيل : 19/06/2008 العمـر : 37 المـشاركـات : 18875 تقييم النشاط : 30918 الموقع : فى كل مكان اجد فيه طموحاتى واحلامى العمـل : محاسب بشركة تماس للانشاء والتطوير العمرانى بجدة المزاج : توتر وقلق من المستـقبــل كلمتى :
الجنس : الدولــــة : المهنة ............ : مزاجـــك ....... : .............. : الاوسمة : الاوسمة الخاصــة : اللقب المميز : رقمك المفضل : اسلامــى : ..... :
| موضوع: رد: التصميم الخاص لعناصر الحياة السبت أغسطس 16, 2008 5:16 pm | |
| سبحان الله مشكوووووووووووووووووووووووووووووووووووور على الموضوع القيم ده | |
|
صاحبة الجلاله ســــوبر ستــــار المنـتـدى
تاريخ التسجيل : 05/07/2008 العمـر : 35 المـشاركـات : 1095 تقييم النشاط : 6013 الموقع : ليه هتزرونا؟؟؟!!! المزاج : الحمد لله رب العالمين كلمتى : أشد لحظات الليل ظلاما تلك التي تسبق الفجر الجنس : الدولــــة : المهنة ............ : مزاجـــك ....... : .............. : الاوسمة : الاوسمة الخاصــة : اللقب المميز : رقمك المفضل : اسلامــى : ..... :
| موضوع: رد: التصميم الخاص لعناصر الحياة السبت أغسطس 16, 2008 7:20 pm | |
| وقال تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ) (المؤمنون:115)
شكرررررررررررررررررررررررررررا ليك ونتمني منك المزيد | |
|
neroo ملــك منتــدى حبيـــتك
تاريخ التسجيل : 15/05/2009 العمـر : 34 المـشاركـات : 2168 تقييم النشاط : 8143 الموقع : الجمالية العمـل : طالبة جامعية المزاج : حزين كلمتى : الجنس : الدولــــة : المهنة ............ : مزاجـــك ....... : .............. : الاوسمة : الاوسمة الخاصــة : اللقب المميز : رقمك المفضل : اسلامــى : ..... :
| موضوع: رد: التصميم الخاص لعناصر الحياة الأحد يونيو 07, 2009 1:46 pm | |
| لا اله الا الله سبحان الله ميرسى على الموضوع الجميل داه | |
|