كيف تكون أبطأ غضبا

كيف تكون أبطأ غضبا
إن الأخلاق الحسنة جزء من الدين بل نكاد نقول بأنها لبه وجوهره لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق "أي أن غاية الرسالة اتمام واكمال مكارم الأخلاق والمؤمنون الذين حسنت أخلاقهم قد يعتريهم أحيانا مايعكر صفو أخلاقهم ويذهب حسن أفعالهم وأقوالهم اذا ماغضبوا من الناس ومن ثم كان الغضب داء يكاد اذا استشرى يقضي على محاسن الأخلاق ويمحقها ولذا نبه الرسول صلى الله عليه وسلم الذي أتاه طالبا وصيته بقوله:"أوصني "قال:" لاتغضب " فردد مرارا قال: لاتغضب
"رواه البخاري" وفي الحقيقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لايوصي هذا الرجل فقط بل يوصي أمته بترك هذه الخصلة السيئة التي تسيء للمسلم قبل أن يسيء هو لغيره لذلك يجب علينا كمسلمين أن نتربى ونتعلم منذ الصغر على ترك هذه الآفة وان نعود أنفسنا على الهدوء والرضا في مواجهة مصاعب الحياة وحتى يتحقق ذلك يجب أن نعي المقصود بالغضب ومظاهره وأنواعه وأسبابه وكيف نقي أنفسنا من أضراره.
ماذا يقصد بالغضب لغة واصطلاحا؟؟

لغة:" السخط عدم الرضا العبوس الكدر وغيره".
اصطلاحا:" تغير داخلي أو انفعال داخلي يحمل على السطو والانتقام شفاء لما في الصدور".

من مظاهر الغضب انتفاخ العروق والأوداج مع احمرار الوجه والعينين وعبوس وتقطيب الوجه والجبين .
العدوان على الغير ومقابلة العدوان بمثله وأشد مع عدم تدبر العواقب الناجمة عن ذلك.
وقد أجملها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في حديثه: " ألا أن الغضب جمرة توقد في جوف ابن ادم ألا ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه فإذا وجد أحدكم شيئا من ذلك فالأرض الأرض ألا أن خير الرجال كان بطيء الغضب سريع الرضا وشر الرجال من كان سريع الغضب بطيء الرضا ".( رواه الإمام احمد في مسنده من حيث أبي سعد الخدري) . وهنا نرى أن النبي صلى الله عليه وسلم امتدح بطيء الغضب وأثنى عليه ولننال هذا المدح ما علينا إلا إتباع الخطوات العملية التالية حتى يكون أبطأ غضبا وأسرع رضا :- كم من الأجر والثواب سأنال إن كظمت غيظي في هذا الموقف وتجاوزت ؟؟
هل خلق الله عز وجل الإنسان كامل بدون عيوب ؟؟ أم يجب أن أوازن بي محاسن وعيوب من حولي .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( كل ابن ادم خطاء وخير الخطاءين التوابين )) " رواه احمد في المسند والترمذي وصححه الألباني".
لماذا لا ألتمس العذر وأحسن الظن بمن حولي ؟؟قال تعالى : " يا أيها الذين أمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم " (الحجرات-12).
هل حاولت تفهم وتقدير مواقف الآخرين ؟؟ ((فقد تفهم النبي صلى الله عليه وسلم دوافع حاطب بن أبي بلتعة وغفر له )) .
 لماذا لا نحاول التبسم في المواقف المتوترة ؟؟ التبسم أسلوب فعال للتقليل من التوتر الانفعالي . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( تبسمك في وجه أخيك صدقة )) (رواه الترمذي) .
لماذا لا ندرب أنفسنا على مواجهة الإساءة بالإحسان ؟؟ ادعوا للمسيء ولي أن يصفي الله قلوبنا مما فيها وأن أحب لنفسي قال تعالى : "ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا " (الحشر -10).
ما الفائدة المرجوة من الحوار ونحن في حالة الغضب أو التوتر ؟؟ قال رسولنا صلى الله عليه وسلم "إذا غضب أحد فليسكت " قالها ثلاثا ( رواه احمد وأبو داود والترمذي ).
لماذا لا أحسب ذاتي و أجاهد نفسي ؟؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يرى أحدكم القذاة في عين أخيه ولا يرى الجذع في عينه )) .
هل تستحق الدنيا كل هذا الانفعال والألم والمخاصمة بين الأخوة ؟؟ قال رسولنا صلى الله عليه وسلم : ((كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل )) "رواه البخاري " ويقال يا غريب كن أديب .
ما هو أفضل شيء نفعله لنخفف من غضبنا ؟ظ قال تعالى: " واستعينوا بالصبر والصلاة " .( البقرة) يجب أن نعلم بأن الغضب في حقيقته نوعان : -

• الغضب المحمود :
هو غضب لله وللحق عندما تنتهك محارم الله عز وجل أو ما كان دفاع عن نفس أو عرض أو مال أو لنصرة المظلوم.
• الغضب المذموم :هو الغضب الدنيوي وما كان لغير الحق كإتباع هوى النفس أو استعلاء أو تكبر .... قال تعالى :" إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ".

علاج الغضب
 -الدعاء .
الوضوء والغسل .
التعوذ من الشيطان الرجيم .
 إعطاء البدن حقه في النوم .
التذاكر فيما ورد القران والسنة من الترغيب في كظم الغيظ.
تغيير الوضع الذي يكون عليه الغاضب.
مجالسة الحكماء والعلماء والإكثار من خيار الأصدقاء.
كثرة التقرب إلى الله تعالى وملازمة ذكر الله عز وجل.

وأخيرا يجب علينا كمسلمين أن نحذر من الغضب المذموم لعواقبه السيئة فهو مضر بالدين والبدن وينشر الكراهية والخصومات والأحقاد والفرقة والتمزق ويكفينا أن أغلب ما ينظر في المحاكم من قضايا إنما كان بسبب الغضب ( مثل جرائم القتل وقضايا الطلاق والضرب واللعن والقذف وعقوق الوالدين وغيرها من المشاكل المنتشرة ).
فهل اقتدينا بأخلاق حبيبنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ورضينا بما قسم الله لنا في هذه الحياة فان رضينا رضي الله علينا وأرضنا.
ختاما : نسوق لكم قصة معن بن زائدة الذي استطاع بحلمه أن يبتعد عن أسباب الغضب .
معن ابن زائدة من الناس الذين من الله عليهم بالتخلص من الغضب المذموم فأعطى الحلم فحاول بعض الأعراب أن يغضبه فقام أعرابي وأخذ على نفسه أن يغضبه فأنكروا عليه ووعده مائة بعير أن هو فعل ذلك فعمد الأعرابي إلي بعير فسلخه وارتدى باهابه واحتذى ببعضه جاعلا باطنه ظاهرا ودخل عليه بصورته تلك وأنشد يقول: أتذكر إذ لحافك جلد شاة وإذ نعلاك من جلد البعير فقال معن : أتذكر ولا نساه فقال الأعرابي :
فسبحان الذي أعطاك ملكا وعلمك الجلوس على السرير فقال معن : إن الله يعز من يشاء ويذل من يشاء فقال الأعرابي:فلست مسلما إن عشت دهرا على معن بتسليم الأمير فقال معن : السلام خير وليس في تركه ضير فقال الأعرابي: سأرحل عن بلاد أنت فيها ولو جار الزمان على الفقير فقال معن : إن جاورتنا فمرحبا بالإقامة وان جاوزتنا فمصحوبا بالسلامة فقال الأعرابي : فجد لي يا ابن ناقصة فاني قد عزمت على المسير فقال معن : أعطوه ألف دينار يخفف من مشاق الأسفار فقال الأعرابي : قليل ما أتيت به وأني لأطمع منك في المال الكثير فثن فقد آتاك الملك عفوا بلا عقل ولا رأي منير فقال معن : أعطوه ألفا ثانية كي يكون عنا راضيا فتقدم الأعرابي إليه وقبل الأرض بين يديه وقال : سألت الله أن يبقيك دهرا فمالك في البرية من نظير فمنك الجود والأفضال حقا وفيض يديك كالبحر الغزير .

نسأل الله عز وجل أن يقينا وإياكم شرور الغضب وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ياريت وهجرب كل ده لان اسرع حاجه الغضب ده

شكرا ليكى جدا وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم