cendrella عضو تحت الاختبار
تاريخ التسجيل : 21/06/2009 العمـر : 31 المـشاركـات : 12 تقييم النشاط : 5654 كلمتى : الجنس : الدولــــة : المهنة ............ : .............. : اللقب المميز : رقمك المفضل : اسلامــى : ..... :
| موضوع: عندما يبكي الرجال الجمعة يوليو 17, 2009 4:59 pm | |
| [center][عندما يبكي الرجال . أدخل دارنا محملاً بكل أنواع التعب و الإرهاق, أحلم بثانية ألتقط خلالها أنفاسي قبل أن أبدأ عملاً آخراً, فتستقبلني أمي بابتسامة حانية قلقة مذيبة كل ثلوج إرهاقي. - عبد الصمد. أهرع بكل طاقاتي ملبياً نداء أبي الذي تهتز له الجبال الرواسي و تتجمد له دماء الطفل في حضن أمه. - أتأخرت ليه في المدرسة؟كنت بتلعب برضوا مع ولاد الـ(...... ). أنظر في عينيه الصارمتين و قد سدت غِصَة عظيمة حلقي و أصاب الشلل لساني فلا أقو على الرد, فيلتقط أبي العصا من جواره و جعل يمزق في جسدي غير مبالٍ بصراخي... لا أشعر إلا بذعر من نظرات عينيه ترجفني ,و أمي تزيد آلامي ببكائها الصامت غير قادرة على الاعتراض. * * * * أدخل إلى دارنا سعيداً هنيَّ البال رائقه, قليلة هي تلك المرات التي أعود فيها للدار دون تأخير. عجباً!! أمي تستقبلني بعينين دامعتين ووجه شاحب ذابل كأوراق الشجر التي تعاني آلام الخريف. - أنا عملت ايه تاني يامّا ؟ - سيدك عبد الصمد.... تعيش أنت. كيف تتلاعب بي تلك الحياة ؟ و لماذا؟ أسقط على الأرض غير مصدقاً لأذناي و لا متحكما في قدمي اللتين تخلتا عن صفة التماسك. لا أعرف بعدها ماذا حدث!!! أجد نفسي أنهب شوارع القرية متجهاً إلى دار جدي مصارعاً الزمن, أتعثر فأنهض لأتعثر مرة ثانية و لا أبالي بأيهم اصطدم ولا لمن أشتم و أسُبُ إن اعترض. الدار القريبة تضحي قصية!! و لكنني وصلت, كل أهالي القرية يملئون الدار, جدتي تصرخ و النساء الأخريات يبادلنها العويل و الصراخ حسبما تسمعني أذناي. - استهدى بالله يا عبد الصمد يا ابني... دي إرادة ربنا. لا ألقي لأحد بالاً, أشق طريقي في عنف إلى غرفة جدي و أنا أتوقعه على فراشه لم يمت ليحكي لي عن أسرار ماضيه و التي ما يعلمها أبي, ليشبع فضول لا يشبع من خبرات و عِبَرْ السنين, و لكن حين لاح لي الباب وسط دموعي تباطأت ثم على بابه توقفت و في رهبة و خوف تقدمت. كان جدي على فراشه ممداً تغطيه ملاءة, اقتربت منه في ذعر و لم يفارقني بعد الأمل. - حِبّ على راس سيدك يا عبد الصمد يا ابني قبل ما يتغسّل. أحدهم قالها و كشف لي وجهه, فمادت بي الأرض و هوي قلبي بين قدمي و أحسست روحي تُنتزَع بعنف من جسدي مفارقاً تلك الحياة لأتبعه. كانت عينيه ليست – تماما – مغمضة, مربوط فكه إلى رأسه بشاله الأبيض, وقد بدا تماما غير جدي الذي أعرفه!! تلك العينان ما عادتا تنظران؟ لا تبوحان بأسرار الحياة, أين تلك النظرة التي ورث أبي جزءاً ضئيلاً منها و التي تُرعِد فرائص أشد الرجال ؟ ذاك اللسان ألن يتحرك ثانية مضيئاً قلبي بحكمة السنين و عقل ألف جيل و جيل؟ هذا الوجه الذي صِيغَ من طين أرض رواها بعرقه وكده, أما ستشرق عليه الشمس بعدما ارتوى منها مع مرور العقود, و في كل خلية منه قبلة من قبلاتها وقت الشروق أو قبل المغيب؟! جدي الشيخ العجوز – الذي يهابه الكبير قبل الصغير – مات؟ استشعر وعيي ينساب هارباً من هول ذاك المشهد, يخرجونني و أٌقاد إلى حيث يوجد أبي, و على بعد أمتار منه أدرك المصيبة الأخرى و كأنه القدر ما عاد يمهلني! رأيت وسط دموعي فشككت و حين سمعت أدركت فتوقفت و هول الموقف لا يسمح لي بترف الهروب. كان أبي ينتحب, يبكي كما تبكي النساء, و جسده كله يرتجف من شدة البكاء, و كل دمعة من عينيه تهتز لها الأرض بما عليها من بشر و يتناثر لها الغبار, و كل رجفة منه أشعرها تزلزل جسدي و كياني فتفجر براكين الدم في عروقي, كل أنةٌ من أناته أجدها سوطاً يمزق جسدي دون هوادة. أره يرفع رأسه إلى جاره فيزداد ألمي و يشتد بكائي و هلعي, لِمَ صارت عينه حمراء تثير الشفقة مغرورقةً بالدموع, أين صرامة عينيه؟! و ذاك الشارب الذي تغلغلته الدموع, ماله لا يُهيب و لا يُرهب؟!! مال ظهرك انحنى يا أبي و نكّست راسك؟ جنة حياة زائفة تستحيل جحيماً و أنا أرى بكائك أبي. * * * * أدخل إلى دارنا غير مبالٍ بتلك الحياة الزائلة, ملابسي مغبرة بغبار المقابر بعد لقاءي اليومي مع جدي رحمه الله, أحاول معه إصلاح مُثُلاً تحطمت و آمالاً دُمِرَت, أمي قررت ألا تراني أعاقب من أبي كي لا تموت كمداً. - عبد الصمد. أذهب لألبي نداء أبي. - كنت فين يا ابن الـ( .... ), أنت ما بتحرمشي يا ( .... ). مستسلماً له أتلقى عقابي و لا تصدر عني آهة و لا أعتراض, اعتدت هذا العقاب فصار ماءاً أو هواءاً.... و ما أريد أن أعترض أو أتملّص فيستشعر أبي مني قوة و منه ضعفاً. أخجل أن أنظر في عيني أبي فأرى فيهما ضعفاً أو بعضاً من آثار البكاء بعدما لازمت صورته باكياً عيني لا تتلاشى أو تتبدد. أخشى أن يرى في عيني أي شئ من الشفقة و أنا آمل أن يتشافى كي يعود أبي الذي أعرفه. * * * * رحمك الله يا أبي, كيف أمنع عيني عن البكاء و عزيمة عن الارتخاء و قوة بقلبي عن الضعف و الخنوع. اليوم أودعك إلى مثواك الأخير و فلذة كبدي أمامي يرقبني في دهشة و ذعر, أعلم تماماً ما يستشعره عندما يبكي على مرأى من عينيه الرجال, و لكن ذاك تصريف القدر. * * * *
. أدخل دارنا محملاً بكل أنواع التعب و الإرهاق, أحلم بثانية ألتقط خلالها أنفاسي قبل أن أبدأ عملاً آخراً, فتستقبلني أمي بابتسامة حانية قلقة مذيبة كل ثلوج إرهاقي. - عبد الصمد. أهرع بكل طاقاتي ملبياً نداء أبي الذي تهتز له الجبال الرواسي و تتجمد له دماء الطفل في حضن أمه. - أتأخرت ليه في المدرسة؟كنت بتلعب برضوا مع ولاد الـ(...... ). أنظر في عينيه الصارمتين و قد سدت غِصَة عظيمة حلقي و أصاب الشلل لساني فلا أقو على الرد, فيلتقط أبي العصا من جواره و جعل يمزق في جسدي غير مبالٍ بصراخي... لا أشعر إلا بذعر من نظرات عينيه ترجفني ,و أمي تزيد آلامي ببكائها الصامت غير قادرة على الاعتراض. * * * * أدخل إلى دارنا سعيداً هنيَّ البال رائقه, قليلة هي تلك المرات التي أعود فيها للدار دون تأخير. عجباً!! أمي تستقبلني بعينين دامعتين ووجه شاحب ذابل كأوراق الشجر التي تعاني آلام الخريف. - أنا عملت ايه تاني يامّا ؟ - سيدك عبد الصمد.... تعيش أنت. كيف تتلاعب بي تلك الحياة ؟ و لماذا؟ أسقط على الأرض غير مصدقاً لأذناي و لا متحكما في قدمي اللتين تخلتا عن صفة التماسك. لا أعرف بعدها ماذا حدث!!! أجد نفسي أنهب شوارع القرية متجهاً إلى دار جدي مصارعاً الزمن, أتعثر فأنهض لأتعثر مرة ثانية و لا أبالي بأيهم اصطدم ولا لمن أشتم و أسُبُ إن اعترض. الدار القريبة تضحي قصية!! و لكنني وصلت, كل أهالي القرية يملئون الدار, جدتي تصرخ و النساء الأخريات يبادلنها العويل و الصراخ حسبما تسمعني أذناي. - استهدى بالله يا عبد الصمد يا ابني... دي إرادة ربنا. لا ألقي لأحد بالاً, أشق طريقي في عنف إلى غرفة جدي و أنا أتوقعه على فراشه لم يمت ليحكي لي عن أسرار ماضيه و التي ما يعلمها أبي, ليشبع فضول لا يشبع من خبرات و عِبَرْ السنين, و لكن حين لاح لي الباب وسط دموعي تباطأت ثم على بابه توقفت و في رهبة و خوف تقدمت. كان جدي على فراشه ممداً تغطيه ملاءة, اقتربت منه في ذعر و لم يفارقني بعد الأمل. - حِبّ على راس سيدك يا عبد الصمد يا ابني قبل ما يتغسّل. أحدهم قالها و كشف لي وجهه, فمادت بي الأرض و هوي قلبي بين قدمي و أحسست روحي تُنتزَع بعنف من جسدي مفارقاً تلك الحياة لأتبعه. كانت عينيه ليست – تماما – مغمضة, مربوط فكه إلى رأسه بشاله الأبيض, وقد بدا تماما غير جدي الذي أعرفه!! تلك العينان ما عادتا تنظران؟ لا تبوحان بأسرار الحياة, أين تلك النظرة التي ورث أبي جزءاً ضئيلاً منها و التي تُرعِد فرائص أشد الرجال ؟ ذاك اللسان ألن يتحرك ثانية مضيئاً قلبي بحكمة السنين و عقل ألف جيل و جيل؟ هذا الوجه الذي صِيغَ من طين أرض رواها بعرقه وكده, أما ستشرق عليه الشمس بعدما ارتوى منها مع مرور العقود, و في كل خلية منه قبلة من قبلاتها وقت الشروق أو قبل المغيب؟! جدي الشيخ العجوز – الذي يهابه الكبير قبل الصغير – مات؟ استشعر وعيي ينساب هارباً من هول ذاك المشهد, يخرجونني و أٌقاد إلى حيث يوجد أبي, و على بعد أمتار منه أدرك المصيبة الأخرى و كأنه القدر ما عاد يمهلني! رأيت وسط دموعي فشككت و حين سمعت أدركت فتوقفت و هول الموقف لا يسمح لي بترف الهروب. كان أبي ينتحب, يبكي كما تبكي النساء, و جسده كله يرتجف من شدة البكاء, و كل دمعة من عينيه تهتز لها الأرض بما عليها من بشر و يتناثر لها الغبار, و كل رجفة منه أشعرها تزلزل جسدي و كياني فتفجر براكين الدم في عروقي, كل أنةٌ من أناته أجدها سوطاً يمزق جسدي دون هوادة. أره يرفع رأسه إلى جاره فيزداد ألمي و يشتد بكائي و هلعي, لِمَ صارت عينه حمراء تثير الشفقة مغرورقةً بالدموع, أين صرامة عينيه؟! و ذاك الشارب الذي تغلغلته الدموع, ماله لا يُهيب و لا يُرهب؟!! مال ظهرك انحنى يا أبي و نكّست راسك؟ جنة حياة زائفة تستحيل جحيماً و أنا أرى بكائك أبي. * * * * أدخل إلى دارنا غير مبالٍ بتلك الحياة الزائلة, ملابسي مغبرة بغبار المقابر بعد لقاءي اليومي مع جدي رحمه الله, أحاول معه إصلاح مُثُلاً تحطمت و آمالاً دُمِرَت, أمي قررت ألا تراني أعاقب من أبي كي لا تموت كمداً. - عبد الصمد. أذهب لألبي نداء أبي. - كنت فين يا ابن الـ( .... ), أنت ما بتحرمشي يا ( .... ). مستسلماً له أتلقى عقابي و لا تصدر عني آهة و لا أعتراض, اعتدت هذا العقاب فصار ماءاً أو هواءاً.... و ما أريد أن أعترض أو أتملّص فيستشعر أبي مني قوة و منه ضعفاً. أخجل أن أنظر في عيني أبي فأرى فيهما ضعفاً أو بعضاً من آثار البكاء بعدما لازمت صورته باكياً عيني لا تتلاشى أو تتبدد. أخشى أن يرى في عيني أي شئ من الشفقة و أنا آمل أن يتشافى كي يعود أبي الذي أعرفه. * * * * رحمك الله يا أبي, كيف أمنع عيني عن البكاء و عزيمة عن الارتخاء و قوة بقلبي عن الضعف و الخنوع. اليوم أودعك إلى مثواك الأخير و فلذة كبدي أمامي يرقبني في دهشة و ذعر, أعلم تماماً ما يستشعره عندما يبكي على مرأى من عينيه الرجال, و لكن ذاك تصريف القدر. :heart: :heart: :heart: * * * * ارجو يكن قصة عجبتكم | |
|